25 أبريل 2018

حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ




قال تعالي : { حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ } ( هود: 40 ) ..

من أوجه الإعجاز العلمي والإنبائي في الآية الكريمة:
===============================

أولاً: من أوجه الإعجاز العلمي:
*********************
***********

في شرح قول ربنا - تبارك وتعالى -: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا...﴾ قال علماء التفسير: أي حين صدر أمرنا بنزول العذاب بكفار قوم نوح، ﴿ ... وَفَارَ التَّنُّورُ ...﴾ أي: نبع الماء منه على هيئة البخار وارتفع بشدة؛ كما تفور القدر عند غليانها، وكان ذلك علامة لنبي الله نوح - عليه السلام - على بدء وقوع الطوفان الذي وعده به الله - سبحانه وتعالى - إغراقاً للكفار العاصين من قومه، الذين جحدوا دعوته، وتطاولوا عليه، وسخروا منه.

وقيل في لفظة (التنور) أنه هو الكانون أو تنور الخبز الذي يخبز فيه؛ وقيل هو وجه الأرض، وأعلاها، وأشرفها، واللفظة عربية، وإن قيل بأنها معربة.

ومعنى الآية الكريمة: حتى إذا جاء وقت أمرنا بإهلاك الكافرين من قوم نوح، وفار التنور دافعاً بخار الماء بقوة، قلنا لنوح احمل معك في السفينة زوجين من كل نوع من أنواع الأحياء المتاحة لك ذكراً وأنثى، واحمل فيها كلاً من أهل بيتك إلا من سبق عليه الحكم بالإغراق، وكل من آمن من قومك، ولم يكونوا إلا قلة قليلة.

وواضح الأمر أن المقصود بتعبير (التنور) هنا هو البركان الذي خرج منه بخار الماء بكميات كبيرة وارتفع في نطاق المناخ من الغلاف الغازي للأرض، وقد هيأ الخالق - سبحانه وتعالى - فيه طبقة باردة فتكثف فيها ليعود إلى الأرض سيولاً جارفة في بحر متلاطم الأمواج أغرق كفار قوم نوح جميعاً وارتفعت فيه سفينة نوح حتى رست على جبل الجودي(قرابة ألفين متر فوق مستوى سطح البحر).

ومن الثابت علمياً أن كل ماء الأرض المقدر بحوالي (1400) مليون كيلومتر مكعب قد أخرجه ربنا تبارك وتعالى من داخل الأرض عن طريق ثورة البراكين، ولذلك قال وقوله الحق:

﴿ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا ﴾ [النازعات: 30،31].

ولذلك قال – تعالى - أيضاً بعد أن تم إغراق كفار قوم نوح:

﴿ وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [هود: 44].

ونسبة الماء إلى الأرض هنا من المعجزات العلمية في القرآن الكريم لأن هذه الحقيقة لم تعرف إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين؛ ومن هنا تأتي ومضة الإعجاز العلمي في الربط بين ثورة البركان (التنور) وإغراق أرض قوم نوح بطوفان الماء، خاصة وأنه ثبت علمياً أن أكثر من (70%) من مكونات الغازات والأبخرة المتصاعدة من فوهات بعض البراكين هو بخار الماء التي سرعان ما تتكثف في نطاق المناخ ويعود إلى الأرض مطراً.

وتشير الآيات القرآنية الكريمة إلى اشتراك عيون الأرض المتفجرة في إحداث طوفان نوح وذلك بقول ربنا تبارك وتعالى:

﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ * فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ * وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آَيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ [القمر: 9-17].

وكثيراً ما تصاحب الثورات البركانية بشيء من الهزات الأرضية الشديدة التي تحرك الماء المجتمع فوق سطح الأرض في تيارات بحرية عنيفة هي التي رفعت سفينة نوح إلى قمة جبل الجودي على ارتفاع سبعة آلاف قدم (حوالي ألفي متر) فوق مستوى سطح البحر ولذلك قال تعالى:

﴿ وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ * وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي ﴾ [هود: 41-43].

وربما لعبت هذه الهزات الأرضية دوراً في تفجير عيون الأرض بالماء المتدفق من مخزونه في كل من تربة الأرض وصخورها ليشارك هطول الأمطار في إغراق الخاطئين المجرمين من قوم نوح. وهذا يؤكد حقيقة أن طوفان نوح كان إغراقاً للكافرين من قومه بالماء العذب، وعلى الرغم من ذلك يأتي إثنان من علماء فيزياء الأرض وهما الأمريكيان وليام ريان، وزميله والتر بتمان (William Ryan & Walter Pitman) لينشرا كتاباً في سنة 1998م بعنوان "طوفان نوح: الاكتشافات العلمية الجديدة عن الحدث الذي غير مجرى التاريخ".

New Scientific William Ryan & Walter Pitman (1998): Noahs Flood: Discoveries About the Event that Changed History , Simon Schuster, New York, ny10020, pp. 1-319.

وفي هذا الكتاب يزعم الكاتبان بأن الطوفان كان بماء البحر فوق بحيرة من الماء العذب، وأنه كان حدثاً طبيعياً لا علاقة له بما جاء من أخبار قوم نوح في العهد القديم، ومن ثم فقد أنكرا الواقعة إنكاراً تاماً.

ويذكر هذان الكاتبان أن هذا الطغيان البحري الذي أشارا إليه كان قد وقع قبل (7600) سنة حين أدى ارتفاع منسوب المياه في البحار والمحيطات إلى اندفاع هذا الماء المالح من البحر الأبيض المتوسط عبر وادي البوسفور ليدمر كل شيء مر به، وليؤدي إلى عدد من الهجرات البشرية الكبيرة.

ولكن مما ينفي مزاعم هذين الكاتبين اكتشاف بقايا سفينة نوح - عليه السلام - مطمورة وسط رسوبيات للماء العذب فوق قمة "جبل الجودي" في الجزء الجنوبي الشرقي من تركيا، وإثبات امتداد هذه الرسوبيات من جنوب شرق تركيا إلى رأس الخليج العربي، مروراً بما بين النهرين دجلة والفرات.

وتؤكد هذه الكشوف أن الطوفان كان بالماء العذب الذي هطلت به الأمطار الشديدة، وتفجرت عنه عيون الأرض كما جاء بالقرآن الكريم من قبل ألف وأربعمائة سنة، وأن الحدث وقع عقاباً لقوم نوح في هذه المنطقة فقط، ولم يشمل كل الأرض، ولم يقض على جميع صور الحياة الأرضية كما جاء في العهد القديم (سفر التكوين: 6-9).

ثانياً: من أوجه الإعجاز الإنبائي:
**********************
***************

على الرغم من ضخامة حدث "طوفان نوح"، وعلى ضرورة بقائه عالقاً في الأذهان، ولو من قبيل التراث الشعبي الذي يحمله الناس شفاها من الأجداد إلى الأحفاد، ومن الآباء إلى الأبناء، إلا أن أهل الأرض جميعاً ومنهم العرب في زمن الجاهلية كانوا قد فقدوا الصلة تماماً بوحي السماء، وشاع بينهم العديد من صور الكفر والشرك والضلال.

من هنا يأتي ذكر نبي الله نوح - عليه السلام - في ثلاثة وأربعين موضعاً من كتاب الله، كما تأتي تفاصيل قصته مع قومه حتى تم القضاء عليهم بالطوفان في عشرات من الآيات التي جاءت في ثمان وعشرين سورة من سور القرآن الكريم، وتأتي تسمية إحدى سور هذا الكتاب العزيز باسم نبي الله نوح - عليه السلام - وهي السورة الحادية والسبعون في ترتيب سورة المصحف الشريف، يأتي ذلك كله وجهاً من أوجه الإعجاز الإنبائي في كتاب الله، ولذلك فإن الله – تعالى- قال تعالى يوجه الخطاب إلى خاتم أنبيائه - صلى الله عليه وسلم - قائلاً له:

﴿ تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [هود: 49].

ولا يقلل من إعجاز ذلك ورود شيء عن قصة نبي الله نوح - عليه السلام - في سفر التكوين من العهد القديم (6-9) لأن الرواية هنا جاءت مشوهة مبتورة، مليئة بالأخطاء في حق الله -تعالى- ، كما جاءت مليئة بالأخطاء العلمية والتاريخية المجافية للمنطق مجافاة كاملة، لأن فيها إشارة إلى أن الله – تعالى- توعد الأرض ومن عليها بالدمار وهذا لم يحدث، وأن نوحاً عليه السلام كان عمره ستمائة سنة حين وقع الطوفان، والقرآن الكريم يقرر أنه عاش بين قومه تسعمائة وخمسين سنة

( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ * فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [العنكبوت: 14-15].

كذلك جاء في العهد القديم أن أبعاد السفينة كان 450 × 75 × 45 قدماً، وبقايا السفينة التي عثر عليها على جبل الجودي توحي بأنها كانت أصغر من ذلك بكثير. وتذكر رواية العهد القديم أن نوحاً - عليه السلام - حمل معه على السفينة أزواجاً من كل أنواع الحياة البرية والداجنة، ومن جميع كائنات الأرض، وهذا أمر مستحيل.

كذلك تشير رواية العهد القديم إلى أن الطوفان استمر لمائة خمسين يوماً غامراً جميع الأرض بما في ذلك كل قمم الجبال التي تغطت بمياه الطوفان بسمك يزيد على عشرين قدماً، وهذه استحالة علمية. وأشارت رواية العهد القديم إلى أن سفينة نوح استقرت على جبل أرارات (أراراط أو أغرى داج) وقد اكتشفت بقايا السفينة على "جبل الجودي" الذي يقع على بعد (250) ميلاً إلى الجنوب من جبل "أرارات"، في جنوب شرقي تركيا بالقرب من حدودها مع كل من العراق وسوريا إلى الشمال من مدينة الموصل.

ومن المعروف أن جبل "أرارات" يوجد في أقصى الشمال الشرقي من تركيا على حدود أرمينيا، وهو كتلة بركانية بها أعلى قمتين في تركيا ترتفع إحداهما إلى (5185) متراً فوق مستوى سطح البحر بينما ترتفع الأخرى إلى 3093 متراً.

ففي منتصف شهر مايو من سنة 1948م اكتشف أحد رعاة الغنم الأتراك واسمه رشيد سرحان (Reshit Sarihan) بقايا من أخشاب سفينة نوح - عليه السلام - في قمة "جبل الجودي" (Mount Judi or Cudi Dagh) وعلى إثر هذا الاكتشاف تتابعت دراسات الموقع إلى وقتنا الراهن، وتم إصدار العديد من النشرات عنه من أمثال أعمال كل من مارتن روى (Martin Wroe, 1994)، تشارلين ويلليس (Charles Willis, 1980)، وجون وارويك مونتجومري (John Warwick Montegomry) في السبعينيات من القرن العشرين، والتي أثبتت جميعها صدق الاكتشاف وقد أعطت البقايا الخشبية للسفينة المكتشفة عمراً مطلقاً في حدود (4500) سنة قبل الميلاد وذلك باستخدام طريقة الكربون المشع كما أعلن مارتن روى بجريدة الأوبزرفر اللندنية بتاريخ (16/1/1994م).

وعلى الرغم من ذلك، ومن إخبار القرآن الكريم برسو السفينة على "جبل الجودي"، ومن وجود بعض الكتابات التاريخية القديمة التي تم اكتشافها مؤخراً والتي تسجل ذلك من مثل كتابات كل من "بيراسوس" (Berasus) وهو من كهان الحضارة البابلية، و"أبيدينوس" (Abydenus) وهو من تلامذة سقراط، ومن رموز الحضارة اليونانية القديمة، فقد ظلت محاولات الغربيين مستميتة في إثبات رسو سفينة نوح على جبل أرارات (اراراط أو أغرى داج) حتى أعلنت مجموعة من العلماء الروس بتاريخ (25/3/2005م) في مؤتمر صحفي نقلته وكالة إنترفاكس للأنباء (The Interfax News Agency) أنه لا توجد أية آثار لسفينة نوح على "جبل أرارات"، وأن جميع العينات التي درست تؤكد ذلك، كما أكدته دراسات فادين تشيرنوبورف (Vadin Chernoborv) الذي أوفد مجموعة العلماء هذه للقيام بتلك الدراسة.

من ذلك يتضح جانب الإعجاز الإنبائي في استعراض القرآن الكريم لقصة نبي الله نوح - عليه السلام - مع قومه، والتي لخصتها الآية التي اتخذناها عنواناً لهذا المقال. فالحمد لله على نعمة الإسلام، والحمد لله على نعمة القرآن، والحمد لله على بعثة خير الأنام - صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلى يوم الدين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دمتم بخير .

13 أبريل 2018

وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ





قال تعالي : { وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ْ} ( البقرة:127) ..

من جوانب الإعجاز التاريخي في الآية الكريمة:
*******************************

تؤكد هذه الآية الكريمة علي أن نبي الله إبراهيم وولده إسماعيل ـ عليهما السلام ـ هما اللذان رفعا القواعد من البيت الحرام القائم في مكة المكرمة. وقد ورد ذكر( إبراهيم) ـ عليه السلام ـ في القرآن الكريم احدي وسبعين(71) مرة, وسميت باسمه احدي سور هذا الكتاب العزيز, كما ورد اسم ابنه( إسماعيل) ـ عليه السلام ـ اثنتا عشرة(12) مرة.

وقد فصلت هذه الآيات قصة هذين النبيين الكريمين اللذين عاشا في أوائل الألفية الثانية قبل الميلاد تفصيلا غير مسبوق, ولو سلمنا بأن العرب كانوا يعرفون ـ هذه الحقيقة بواسطة الأخبار المتناقلة عبر الأجيال ـ فمن أين لنبينا الأمي ـ صلي الله عليه وسلم ـ هذه التفاصيل الدقيقة عن هذين النبيين الكريمين لو لم يكن موصولا بالوحي, ومعلما من قبل خالق السماوات والأرض؟ ومن هنا فإن القصص القرآني كله يمثل جانبا من جوانب الإعجاز في كتاب الله نسميه باسم الإعجاز التاريخي.

وتبدأ قصة هذين النبيين الكريمين في سورة البقرة يقول ربنا ـ تبارك وتعالي:

﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ * وَإِذْ جَعَلْنَا البَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ المَصِيرُ * وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ * وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ العَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ * أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ المَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ * قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ * صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ * قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ * أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ (البقرة:141,124).


وفي هذه الآيات عدد من المعجزات التاريخية والإنبائية نذكر منها ما يلي:
************************************************

أولا: التأكيد علي أن الذي رفع القواعد من البيت الحرام هما النبيان الكريمان إبراهيم وولده إسماعيل ـ عليهما السلام ـ لأن الواضح من القرآن الكريم ومن السنة النبوية المشرفة أن الذي بني هذا البيت ابتداء هم الملائكة, الذين بنوه بأمر من الله ـ تعالي ـ في هذه البقعة المباركة التي حرمها الله ـ سبحانه وتعالي ـ يوم خلق السماوات والأرض وذلك استعدادا لخلق أبوينا آدم وحواء ـ عليهما السلام ـ ويقدر تاريخ وجودهما علي الأرض بحوالي أربعين ألف سنة مضت, بينما يقدر عمر الكون بحوالي(13,7) بلايين سنة, ولذلك كان أول من طاف بالبيت الحرام هم الملائكة. وإذا كان إبراهيم ـ عليه السلام ـ قد عاش في أوائل الألفية الثانية قبل الميلاد فإنه يبقي بين آدم وإبراهيم ـ عليهما السلام ـ حوالي(36,000) سنة وفي هذه الفترة الطويلة تهدم البيت الحرام, ثم بعث الله ـ سبحانه وتعالي ـ ملائكته لتبين لعبده ونبيه إبراهيم مكان البيت ولذلك قال ـ وهو اصدق القائلين ـ:

﴿ وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ البَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾( الحج:26).

وقال ـ تعالي ـ: ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ﴾ (البقرة:127).

ثانيا: الإنباء بأن الله ـ تعالي ـ قد استجاب دعوة عبده ونبيه إبراهيم ـ عليه السلام ـ بجعل مكة المكرمة بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ ( البقرة:126).

فقد قدر الله ـ سبحانه وتعالي ـ أن يجعل من مكة المكرمة بلدا آمنا كاملا في مختلف المجالات:

الفطرية, والاجتماعية, والاقتصادية, فقد حفظها الله بقدرته من كثير من الكوارث الطبيعية المحيطة بها, وساق اليها الرزق بعد أن عمرها, وجعل أفئدة من الناس تهوي إليها. حتي أصبحت اليوم حاضرة من أهم حاضرات العالم, إن لم تكن أهمها علي الإطلاق بالنسبة للمسلمين علي أقل تقدير. وأصبحت الأرزاق تساق إليها من مختلف بقاع الأرض علي مدار السنة دون انقطاع, ويجتمع فيها الملايين من البشر في الحج والعمرة فلا يقصر دونهم زاد من طعام, أو شراب, أو كساء, أو دواء أو وسائل مواصلات واتصال, استجابة لدعوة نبي الله إبراهيم ـ عليه السلام ـ وتشريفا لإقامة كل من نبي الله إسماعيل ـ عليه السلام ـ وخاتم الأنبياء والمرسلين ـ صلي الله عليه وسلم ـ فيها, وتقديرا لمباركتها وتحريمها يوم خلق الله السماوات والأرض, وقد تحقق ذلك بالفعل.

ثالثا: الإخبار عن دعوة كل من النبيين إبراهيم وولده إسماعيل أن يجعل الله ـ سبحانه وتعالي ـ من ذريتهما أمة مسلمة( البقرة:128) وقد تحقق لهما ذلك في حياتهما, ومن بعدهما حتى اليوم وإلي أن يشاء الله ـ سبحانه وتعالي ـ.

وبقاء أمة الإسلام ممثلة بقرابة ربع مجموع سكان الأرض, واعتراف جميع اجهزة الاستخبارات في العالم بأن الإسلام هو أسرع الأديان انتشارا في عالم اليوم يمثل تحقيقا لهذه الدعوة النبوية المجابة.

رابعا: الإنباء باستجابة دعوة هذين النبيين الكريمين( سيدنا إبراهيم وولده سيدنا إسماعيل ـ عليهما السلام) ببعثة خاتم الأنبياء والمرسلين ـ صلي الله عليه وسلم ـ في مكة المكرمة, يحمل الكتاب والحكمة, ويزكي الناس بهما, وقد استجيبت دعوتهما( البقرة:129).
وفي ذلك تأكيد علي وحدة رسالة الأنبياء القائمة علي أساس من دين الله وهو الإسلام الذي لا يرتضي ربنا ـ تبارك وتعالي ـ من عباده دينا سواه.

خامسا: التأكيد علي وحدة رسالة السماء, وعلي الأخوة بين الأنبياء جميعا, وقد كان دينهم واحدا, هو الإسلام العظيم, الذي علمه ربنا ـ تبارك وتعالي ـ لأبينا آدم ـ عليه السلام ـ لحظة خلقه, ثم أنزله علي عدد كبير من أنبيائه ورسله, وأكمله وأتمه وحفظه في القرآن الكريم, وفي سنة خاتم المرسلين ـ صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين ـ
( البقرة:130 ـ133).

سادسا: التأكيد علي أن إبراهيم ـ عليه السلام ـ كان مسلما ولم يكن يهوديا, ولا نصرانيا, وقد تطهر من الشرك بالله, ومن عبادة الأصنام والأوثان, وهكذا كان جميع رسل الله وأنبيائه(البقرة:135 ـ138).

وكانت قريش في جاهليتها تعتز بنسبتها إلي إبراهيم ـ عليه السلام ـ عن طريق ولده إسماعيل ـ عليه السلام ـ وتستمد من ذلك القوامة علي البيت الحرام وسلطانها علي العرب ثم يأتي خاتم الأنبياء والمرسلين ـ صلي الله عليه وسلم ـ ليؤكد أن الناس سواسية كأسنان المشط, وأنه لا فضل لعربي علي عجمي, ولا لأبيض علي اسود إلا بالتقوى, كما جاء ليؤكد أن إبراهيم ـ عليه السلام ـ وبنيه والصالحين من ذريته كانوا علي الإسلام القائم علي التوحيد الخالص لله ـ تعالي ـ, وأن هذا الدين الذي دان به جميع أنبياء الله ورسله ليس احتكارا لأحد من خلق الله علي أساس من العصبيات التي نهانا عنها الله ورسوله.

ولذلك استحق نبي الله إبراهيم ـ عليه السلام ـ أن يجعله الله ـ سبحانه وتعالي ـ إماما للناس, ولكن أغلب الناس انحرفوا عن ملة إبراهيم حتى جاء الرسول الخاتم ـ صلي الله عليه وسلم ـ بملة إبراهيم( وهي الإسلام العظيم في تمامه وكماله) استجابة لدعوة كل من نبي الله إبراهيم وولده إسماعيل ـ عليهما السلام ـ فاستحق الصالحون من أمة محمد ـ صلي الله عليه وسلم ـ هذا الميراث الديني الذي لا يرتضي ربنا ـ تبارك وتعالي ـ من عباده دينا سواه. ويؤكد ذلك أن إبراهيم ـ عليه السلام ـ حين استمع إلي تشريف الله ـ تعالي ـ له بقوله العزيز( إني جاعلك للناس إماما) قال إبراهيم:( ومن ذريتي) فجاء الرد الإلهي قاطعا حاسما:( لا ينال عهدي الظالمين).

سابعا: إثبات أن الله ـ سبحانه وتعالي ـ قد تعهد لخاتم أنبيائه ورسله ـ صلي الله عليه وسلم ـ بالنصر, وبأنه ـ تعالي ـ سوف يكفيه شر كل كافر ومشرك ومنافق وظالم, وقد تحقق له لذلك, كما تحقق لأمته من بعده, رغم كيد الكائدين, وتآمر المتآمرين من شياطين الإنس والجن ﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾.

هذا جانب واحد من قصة نبي الله إبراهيم ـ عليه السلام ـ في القرآن الكريم, والتي جاءت في عشرات الآيات من ست وعشرين سورة من سور هذا الكتاب العزيز, والآيات التي استشهدنا بها هنا تمثل وجها من أوجه الإعجاز التاريخي والإنبائي في كتاب الله, وذلك لأن ذكري إبراهيم ـ عليه السلام ـ كانت قد محيت من ذاكرة الناس في زمن البعثة المحمدية الشريفة بعد مرور قرابة ألفين وخمسمائة سنة بينهما, حيث يقدر أن نبي الله إبراهيم ـ عليه السلام ـ عاش في بدايات الألفية الثانية قبل الميلاد, وأن خاتم الأنبياء والمرسلين ـ صلي الله عليه وسلم ـ بعث في اوائل القرن السابع الميلادي(610 ـ632 م).

وإن كانت القصة قد ذكرت في بعض كتب الأولين في بضع اشارات ركيكة مفككة ـ إلا أن الفارق بين رواية القرآن الكريم وتلك الإشارات هو الفارق بين كلام الله المحيط بكل شيء, وكلام البشر الذي يتميز بالقصور, والنقص, والبعد عن الكمال, وبالخلط بين الوقائع والأماكن, والتواريخ للقصور المعروف في طبيعة الذاكرة الإنسانية.

ونص رواية القرآن الكريم لقصة أبي الأنبياء إبراهيم ـ عليه السلام ـ تشهد لهذا الكتاب العزيز بأنه لايمكن أن يكون صناعة بشرية, بل هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسوله, وحفظه بعهده الذي قطعه علي ذاته العلية
في نفس لغة وحيه ( اللغة العربية) , وتعهد بهذا الحفظ تعهدا مطلقا حتي يبقي القرآن الكريم شاهدا علي الخلق أجمعين إلي يوم الدين بأنه كلام رب العالمين, وشاهدا للرسول الخاتم الذي تلقاه بالنبوة وبالرسالة, فصلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه أجمعين وعلي من تبع هداه ودعا بدعوته الي يوم الدين, وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دمتم بخير .

9 أبريل 2018

شهادة المرأة .

شهادة المرأة


من الناحية العلمية هل هناك حكمة من جعل شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل؟ ماذا كشف العلم الحديث؟ وهل الإسلام كرم المرأة أم انتقص من شأنها كما يدعي الملحدون؟...

حسب دراسة منشورة على موقع The North American Menopause Society (NAMS) فإن ذاكرة المراة ليست ثابتة خلال العمر .. فهي تنخفض بعد سن اليأس بشكل مفاجئ.. ولكن المرأة في منتصف العمر لها ذاكرة أفضل من الرجل ولكن بشكل يختلف عن الرجل.
وفي دراسة أخرى نشرت في مجلة JNeurosci    تبين أن المرأة تتذكر الأشياء بطريقة تختلف عن الرجل. وتكون ذاكرتها العاطفية أكبر من الرجل.. أي تتأثر عاطفياً وبشكل كبير أثناء تذكر الحدث، فذاكرة المرأة أثناء الشهادة تعتمد على نوع التذكر .
إذاً شهادة المرأة في مسألة ما تخضع لعاطفتها تجاه تلك الحادثة وتتأثر بها.. وبعد سن اليأس تتشوش الذاكرة .. كل هذا يؤكد أن وجود امرأة أخرى أثناء الشهادة سيكون له أثر جيد على "جودة" الشهادة ودقة المعلومات التي ستقدمها.. لأن المرأة الثانية غالباً لن يكون لديها نفس المؤثرات العاطفية تجاه نفس الحدث.. وهذا يمكن للقاضي أن يجري تقاطعات بين شهادة المرأة الأولى وشهادة المرأة الثانية ليصل إلى الحقيقة.
جامعة بنسلفانيا  قامت بدراسة كبرى على 949 دماغ رجل وامرأة.. ووجد الباحثون أن المرأة أفضل من الرجل في التفكير بمهام متعددة لأنها تستخدم كلا الجزأين من الدماغ.. أما القضايا التي تحتاج إلى تركيز على قضية واحدة فإن الرجل يتفوق على المرأة لأنه يستخدم جزءًا واحداً من الدماغ!
العلماء في كلية الطب بجامعة بنسلفانيا كانوا مندهشين من نتائج هذه الدراسة ويقول الدكتور Ruben Gur : إن النتائج كانت صادمة عندما رأينا هذه الاختلافات المدهشة بين دماغ الذكر والأنثى، ولكنهما متكاملين! ولكن الشيء المهم أن النساء لديهن قدرة أعلى من الرجال على المهام الاجتماعية.. بينما الرجل يتميز بقدرته الفائقة على الأعمال التي تتطلب تركيزاً محدداً مثل القيادة والتحكم.
 وهكذا أخي المؤمن!

نجد أن العلماء متفقون على أن الذكر ليس كالأنثى.. وقضية الشهادة هي قضية خطيرة تتعلق بمصير البشر ويمكن أن تؤدي الشهادة الخاطئة إلى إضرار بمصالح الناس.. وبما أن المرأة تستخدم عاطفتها أثناء التذكر، وبما أن المرأة تعاني من مشاكل في الذاكرة بعد سن اليأس مباشرة، وبما أن المرأة تستخدم نصفي دماغها في التذكر مما يعني قدرة أقل على التركيز.. من أجل كل هذا خفف الله عن المرأة أعباء الشهادة وأكرمها أن سمح لها بأن تستأنس بامرأة أخرى لإتمام الشهادة.. ولكي لا يتسلط الرجال عليها جعل هذا الأمر إجبارياً.. أي لا تقبل شهادة امرأة واحدة إلا في حالات خاصة مثل شهادة الزوجة على زوجها وحالات تتعلق بالعفة والشرف...
فهل نقول بعد هذه الحقائق إن الإسلام اهان المرأة وانتقص من شأنها؟
لنسأل أي رجل يدعى للشهادة أمام المحكمة.. سيقول لك أتمنى لو أستأنس برجل آخر معي ليخفف عني أعباء الشهادة.. فكيف بالمرأة التي هي أضعف من الرجل وأكثر عاطفية منه..
ومن هنا ندرك عظمة قول الحق تبارك وتعالى: (فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَ امْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى) [البقرة: 282].

 

الأعلى: الوصلات في دماغ الرجل حيث تمتد الوصلات من الأمام للخلف على طول الدماغ من دون أن يشارك نصفا الدماغ معاً بل الوصلات تمتد على طول الدماغ.
الأسفل: الوصلات في دماغ المرأة أعقد وتشترك فيها أجزاء أكثر من نصفي الدماغ لاحظ كيف تمتد الوصلات يميناً ويساراً بين نصفي الدماغ.

 

المادة البيضاء White Matter  والمادة السنجابية Gray Matter  تتوزعان بطريقة مختلفة تماماً في دماغ الذكر ودماغ الأنثى.. كأنهما متكاملان .. وهنا يحضرني قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا) [الأعراف: 189].

 

حسب دراسة جامعة بنسلفانيا فإن الاختلاف شديد الوضوح بين طريقة عمل كل من دماغ الرجل (الأزرق) حيث نلاحظ وكأن كل نصف من نصفي الدماغ يعمل على حده.. أما دماغ المرأة (الأحمر) والذي يربط نصفي الدماغ فمن الواضح أن نصفي الدماغ يعملان بالتنسيق معاً.
هذه النتيجة تؤكد أن الرجل لديه قدرة أكبر على التركيز في مسألة محددة، وموضوع الشهادة يتطلب قدرة على التركيز في قضية محددة.. بينما تبرع النساء في المهمات الاجتماعية المتعددة والذاكرة العامة واختراع الحلول المناسبة.
 وهكذا يتبين لنا أن الله تعالى عندما جعل شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل.. إنما تكريماً وحرصاً على المرأة.. فالحمد لله رب العالمين..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دمتم بخير .

أعياد المسلمين .

 أعياد المسلمين . أحبتي فى الله لنتأمل عيد الفطر وعيد الأضحى، ما هي مناسبة هذين العيدين؟  الحقيقة أنني بحثت عن تاريخ ولادة النبي صلى الله ع...