10 أغسطس 2020

طلاقة القدرة الإلهية المبدعة في الخلق .

 


طلاقة القدرة الإلهية المبدعة في الخلق
*************

قال تعالى: *قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۚ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ۚ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ * فَذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ ۖ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ* (يونس: ٣١-٣٢).

هاتان الآيتان الكريمتان تشيران إلى أن رزق الله إما أن يُنزله من السماء أو يُخرجه من الأرض، وفسر الأقدمون رزق السماء بأنه المطر الذي بدونه لا تستقيم الحياة على الأرض، وفسره آخرون بأنه القرار الإلهي بتوزيع الرزق، ويُفسر ذلك ما أثبته العلم في سنواته المتأخرة أن النجوم ليست مجرد زينة للسماء الدنيا، وإنما هي مفاعلات نووية عملاقة، يخلق لنا فيها ربنا تبارك وتعالى من غاز الهيدروجين معظم ما تحتاجه الأرض من عناصر بعملية يسميها العلماء باسم: "عملية الاندماج النووي"، وهذه العملية مُطلِقة لكل من الطاقة والمادة إلى مرحلة تخلق الحديد، فإذا تحول قلب النجم إلى حديد فإن العملية تصبح مُستهلكة للطاقة، مما يؤدي إلى انفجار النجم وتناثر أشلائه في صفحة السماء الدنيا. وباصطياد ذرات الحديد اللبنات الأولية للمادة المُنطلقة في صفحة السماء الدنيا يخلق لنا ربنا تبارك وتعالى كل ما تحتاجه الحياة الأرضية من عناصر ومركبات، وتمثل هذه العملية جانباً من رزق السماء الذي يُنزله الله تعالى على الأرض على هيئة النيازك والشهب.

أما رزق الأرض فيتعدد بتعدد ما أنزل الله تعالى على هذا الكوكب من مختلف صور العناصر والمركبات، كما يختلف باختلاف مصادر الطاقة المتعددة في الأرض، وبتعدد أنواع الأحياء النباتية والحيوانية فيها. واستخدم الله تعالى هذه النعم على جميع خلقه لأن كل واحدة منها تشهد لجلاله بالربوبية والألوهية والوحدانية المطلقة فوق جميع خلقه، لأنه (تعالى) وحده هو المُتفضل بتلك النعم جميعها، ولا يشاركه في ذلك أحد من خلقه، لذلك استُهلّت هذه الآية الكريمة بسؤال استنكاري، توبيخي لجميع الكفار و المشركين من بني آدم يأمر فيه ربنا خاتم أنبيائه ورسله ﷺ بقوله تعالى: *قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ…؟*.

وأتبعت الآية باستفهام آخر يقول فيه ربنا تبارك وتعالى: *…أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ…؟*، وهنا أُفرد السمع وجُمعت الأبصار لأن الإنسان يسمع بأذنيه صوتاً واحداً، على الرغم من وجود كل من الأذنين، والمنطقتين السمعيتين في المخ، والتي تقع كل منهما فوق إحدى الأذنين مباشرة، لذلك يُذَكَّر السمع في القرآن الكريم بالإفراد، بينما يُذكَر الإبصار بكل من الإفراد والجمع. ويُقدَّم السمع على الإبصار لأن الجنين في بطن أمه يبدأ بالسمع قبل أن يتمكن من الابصار، فالجنين يبدأ بالسمع في الشهر الخامس من عمره، بينما لا يستطيع التمييز بين كل من الظلام والنور إلا في الأسبوع العاشر بعد الميلاد، ولا تكتمل قدرته على الإبصار إلا في سنته العاشرة. كذلك فإن الطفل يتعلم بالسمع قبل أن يستطيع القراءة، وهذا التفصيل يشير إلى إحدى المعجزات العلمية العديدة في كتاب الله.

وتستمر الآية في هذه الأسئلة التقريعية للكفار والملحدين بقول ربنا تبارك وتعالى: *…وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۚ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ۚ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ*، وهذا النص الكريم يشير إلى طلاقة القدرة الإلهية المبدعة في الخلق وذلك بإخراج الحي من الميت وإخراج الميت من الحي، ويمثل ذلك كل من البذور و النوى إذا غُرس في الأرض، ورُوي بالقدر المناسب من الماء الذي يذيب قدراً من الغذاء المحيط بجنين تلك البذرة أو النواة، والموجود في حالة من السكون فيستيقظ و يبدأ في التغذي من المحلول الذي هيأه له الله، وهذا المحلول الغذائي المحيط بالجنين يتكون من عدد من الكربوهيدرات والبروتينات والعناصر والمركبات التي يتغذى عليها الجنين و يبدأ في النمو، ومن طلاقة القدرة الإلهية أن هذه العناصر والمركبات - وهي مواد ميتة لا حياة فيها - وبمجرد عبورها أغشية الجنين تتحول إلى خلايا حية يبدأ بها مراحل نموه الأولى فيُنزل مجموعه الجِذري إلى الأسفل، ومجموعه الخضري إلى الأعلى و يبدأ في النمو، و هذه صورة من صور إخراج الحي من الميت، وعندما يكتمل نمو هذه النبتة أو الشجرة وينتهي أجلها فتموت فإن خلاياها الحية تتحول إلى تراب الأرض، و هي صورة من صور إخراج الميت من الحي، لذلك تُختتم هذه الآية الكريمة بسؤال تقريعي آخر يقول فيه ربنا تبارك وتعالى: *…وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۚ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ۚ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ*، و تُتْبع هذه الآية الكريمة بقوله تعالى: *فَذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ ۖ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ* (يونس: ٣٢).

فسبحان الله .

أعياد المسلمين .

 أعياد المسلمين . أحبتي فى الله لنتأمل عيد الفطر وعيد الأضحى، ما هي مناسبة هذين العيدين؟  الحقيقة أنني بحثت عن تاريخ ولادة النبي صلى الله ع...