صور من الأمم الهالكة.
|
لقد تحدث القرآن عن أمم من قبلنا أهلكها الله ودمر حضاراتها وتحولت مساكنها لمجرد آثار يراها الناس ....
|
لم يكن لدى سيدنا محمد صلى الله
عليه وسلم أي علم بمصير الأمم البائدة من قبله، ولم يكن أحد يتخيل مصير
الحضارات والشعوب منذ آلاف السنين كيف كانت وكيف أصبحت. ولكن القرآن أكد
حقيقة علمية مهمة وهي أن الحضارات السابقة تزول وتصبح مساكنها غير قابلة
للسكن!
يقول العلماء اليوم إن تغير
المناخ عبر آلاف السنين والجفاف الذي يضرب مناطق من الكرة الأرضية يؤدي إلى
زوال حضارات بأكملها ويحول أماكنها المزدهرة إلى صحراء قاحلة... وبالتالي
هذه حقيقة علمية... العجيب أن القرآن أشار إليها بشكل لطيف في آية يؤكد
فيها أن الأمم الزائلة التي أهلكها الله من قبلنا لم تعد مساكنها قابلة
للسكن من بعدهم.
والحقيقة أن معظم الآثار
القديمة دفنت تحت الرمال أو التراب.. ولا زالت هناك ملايين الآثار لم تكتشف
بعد بسبب دفنها في رمال الصحراء وبخاصة في منطقة الجزيرة العربية. دعونا
الآن نتأمل هذه الصور لآثار عاد وثمود..
مساكن عاد وثمود .. قبائل
عاشت قبل آلاف السنين في الجزيرة العربية وطغت واستكبرت فأهلكهم الله على
الرغم من القوة الهائلة التي تمتعوا بها، لدرجة أنهم كانوا ينحتون القصور
في الجبال.. لقد غطت الرمال هذه المعالم وتم كشفها حديثاً فقط، وتبين أنها
تقع في مناطق غير قابلة للسكن بسبب اندثار الحضارة وتغير المناخ.
والآن دعونا نتأمل حضارة أشهر ملكات التاريخ في سورية القديمة...
هذه المنطقة كانت ذات يوم تغص
بالحياة، بالأنهار وكان البحر قريباً من هنا.. كانت الأشجار المثمرة
والينابيع والمزارع تسيطر على المشهد، كان الناس يحتفلون هنا بالنصر ذات
يوم.. هذا الطريق من أهم طرق تدمر القديمة حيث عاشت أشهر نساء التاريخ
القديم وملكاته مثل الملكة زنوبيا... أين هم اليوم، لا نرى إلا صحراء قاحلة
وبقايا أعمدة محطمة.. وبيئة قاسية لا يمكن السكن فيها، ولا يمكن الوقوف
هنا إلا قليلاً بسبب درجة الحرارة العالية... فهذه هي المساكن التي لم تسكن
من بعدهم..
أما حضارة الفراعنة الذين
ادعوا الألوهية فهي خير شاهد على آثارهم التي دفنتها الرمال ولم يتم الكشف
عنها إلا في العصر الحديث.. لنتأمل الصور..
أيضاً هنا منطقة تحولت إلى
صحراء قاسية لا يمكن لإنسان أن يتحمل العيش هنا بسبب الحرارة والرمال... مع
العلم أن الناس يسكنون قريباً من هذه المنطقة .. إلا أن مساكن الفراعنة
نفسها خالية أو مدفونة تحت الرمل... هنا كان يقف الفرعون ويسجد الناس له
ويخاف الناس من بطشه ويستكبر هو وجنوده بغير الحق... ولكننا اليوم نراها
مجرد آثار لا حياة فيها.
والآن نتأمل هذا الهرم الذي
بني قبل آلاف السنين في المكسيك واسمه أهرام القمر.. هذه المنطقة كانت
مزدهرة ذات يوم بالطرقات والتجار والجنود.. ولكنها تحولت إلى منطقة خالية
من السكان اليوم إلا بعض السائحين.
إذاً الحضارات السابقة انتشرت
في كل مكان تقريباً ... وإليكم صورة لأحد المعابد في السودان القديمة كان
ذات يوم الناس يسجدون للشيطان ويعبدون الشمس أو النار... وكانت المساكن
تزدهر ولكنها فارغة اليوم أو مختفية بفعل المناخ..
والسؤال: كيف تناول القرآن
الكريم هذه القضية، وهل أشار إلى وجود حضارات اندثرت من قبلنا؟ وهل امتزج
القرآن بالخرافات والأساطير التي انتشرت في زمن نزوله؟ لنتأمل هذه الآية،
يقول تعالى: (وَكَمْ
أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ
لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ
الْوَارِثِينَ) [القصصك 58]. وبالفعل نرى
اليوم بالصور كثير من المناطق التي كانت ذات يوم تعج بالحركة والحياة
والخضرة والماء... تحولت إلى صحراء ومجرد رمال وآثار ... وانظروا معي إلى
التعبير الإلهي (وَكَمْ) للدلالة على وجود عدد هائل من الحضارات المندثرة... وهذه الكلمة تستخدم للكثرة.
وهذه آية أخرى يقول فيها تبارك وتعالى: (فَكَأَيِّنْ
مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى
عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ)
[الحج: 45]. فكم من القصور المشيدة نراها اليوم كأثر باقٍ شاهد على أمة
اختفت، وكم من مكان يعج بالحركة قد تحول إلى مجرد آثار يزورها الناس
للمتعة!
طبعاً هذه الآثار لم يكن
النبي صلى الله عليه وسلم يعرف شيئاً عنها لولا القرآن الذي أخبره بها،
ولذلك ينبغي علينا أن نفكر في هذه الآيات لنتعلم منها، وندرك أن بيوتنا سوف
تخلو ذات يوم أو تدمر وسوف نزول جميعاً من هذه الدنيا... ولن نجد أمامنا
إلا الله تعالى، فلنستعد لهذا اللقاء العظيم ... ولنتذكر قوله عز وجل: (مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآَتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [العنكبوت: 5].
ــــــــــــ
دمتم بخير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق