الخمر والميسر والعداوة والبغضاء
|
لقد
ربط الله بين الخمر والميسر وبين العداوة والبغضاء، ويأتي العلم ليكشف
سرّ هذا الربط، دعونا نقرأ ونحمد الله على نعمة الإسلام ....
|
لم يعد أحد اليوم يستطيع أن ينكر
العلاقة الوثيقة بين تناول الخمر والعدوانية التي يسببها لشاربه. وتؤكد
عشرات الدراسات العلمية أن الإدمان على الخمور والمسكرات والمخدرات يؤدي
إلى تطوير سلوك عدواني لدى مدمن الخمر.
الدراسة الجديدة التي نشرتها مجلة العلوم الأمريكية Scientific American
(أكتوبر 2013) وجدت أن لعب القمار يعطي على الدماغ نفس تأثير الخمر
والمخدرات.. ففي الدماغ هناك مركز يسمى مركز المكافأة يقوم بإفراز كميات من
الدوبامين هذه المادة هي التي تعطي للإنسان الشعور باللذة أو النشوة أو
الفرح.
عندما يقوم الإنسان بلعب القمار فإن
الدماغ يفرز عشر أضعاف هذه المادة (الدوبامين) فتمنحه شعوراً بالمتعة
(تشبه الشعور باللذة أثناء الممارسة الجنسية وكذلك أثناء شرب المخدرات أو
المسكرات بشكل عام).. عندما يقوم الدماغ بإفراز كميات كبيرة من هذه المادة
فوق طاقة الدماغ يؤدي ذلك إلى إرهاق خلايا الدماغ وتدمير جزء منها وفقدان
التوازن مع الزمن وفقدان السيطرة على النفس ويتطور السلوك العدواني تجاه
الآخرين...
يقول الباحثون في مجلة العلوم الأمريكية:
Neuroscientists have learned that drugs and gambling alter many of the same brain circuits in similar ways.
علماء الأعصاب تعلموا أن المخدرات
والقمار تحدث تغييرات دائمة في مناطق محددة من الدماغ، بنفس الطريقة ونفس
المناطق... أي لهما نفس التأثير.
دراسة ألمانية أجريت عام 2005 أثبتت
أن القمار والمخدرات تؤدي إلى خفض حساسية الدماغ تجاه المؤثرات الخارجية..
دراسة أخرى أجريت في جامعة ييل Yale University عام 2003 ودراسة مهمة أيضاً أجريت عام 2012 في جامعة أمستردام University of Amsterdam
تؤكدان إلى النشاط الكهربائي للدماغ يتراجع ويحدث خلل في عمل مركز
المكافأة، وتحدث تأثيرات خطيرة على منطقة الناصية (الفص ما قبل الجبهي الذي
يقع مباشرة خلف الجبين) هذه المنطقة المسؤولة عن تقييم المخاطر وكبت
الغرائز والشهوات...
فمدمن المخدرات ومدمن القمار ومدمن
الخمور لهم نفس السلوك العدواني تجاه الآخرين، بسبب تعطل هذه المنطقة
(الناصية).. وهنا نتذكر حديثاً نبوياً شريفاً لفت انتباهنا إلى أهمية
الناصية في زمن لم يكن هناك أحد على وجه الأرض يعلم شيئاً عن مهام هذه
الناصية، حيث كان النبي الكريم يدعو بقوله: (اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ،
مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ
هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ
عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ
الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ
صَدْرِي، وَجَلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي) [رواه أحمد]... وهذا هو دعاء الهم والضيق.
ففي قوله: (نَاصِيَتِي بِيَدِكَ)
إشارة إلى أهمية الناصية حيث سلمها لله عز وجل يوجهها حيث يشاء، وكأن
النبي الكريم يريد أن يقول إن أمر القيادة والتوجه والتحكم لديه مسلّمة لله
عز وجل، فالإنسان من طبيعته الخطأ أما الله تعالى فلا يخطئ أبداً.
إن منطقة الناصية مسؤولة عن السعادة
بطريقة غير مباشرة، فالإنسان عندما يكون لديه ناصية نشطة وتعمل بكفاءة
عالية يصبح أكثر قدرة على التواصل والإبداع واتخاذ القرارات الصحيحة.. وهذه
الأمور تؤدي إلى السعادة والراحة النفسية.
شكل (1) صورة لدماغ طبيعي على
اليسار وكيف تحول بعد سبع سنوات من الإدمان على المخدرات إلى دماغ مهترئ
فقد الكثير من الخلايا وتعطلت الكثير من المراكز... سبحان الله، أليس النبي
الرحيم حريصاً علينا عندما حرم كل مسكر فقال: (كل مسكر حرام) [رواه
البخاري]، فهذا الحديث يشمل المخدرات والمسكرات وجميعها أثبت العلم ضررها
بشكل متشابه.
إذاً الحقيقة العلمية اليقينية التي
كشفها العلماء بالصور أن المسكرات بأنواعها (مخدرات – خمور – نبيذ أو بيرة
أو أي نوع مسكر مثل الكوكائين أو الحشيش أو المخدرات المصنوعة حديثاً أو
المشروبات المسكرة على اختلاف تسمياتها: الويسكي والفودكا والعرق
والشمبانيا...) كل هذه تولد نفس الأثر على الدماغ: العدوانية وممارسة العنف
تجاه الآخرين والحقد على الآخرين والعنف المنزلي تجاه الأولاد والزوجة...
تدمير جزء من خلايا الناصية في مقدمة أعلى الدماغ وإحداث خلل في القيادة
يستمر 48 ساعة... ونتائج خطيرة تدمر الإنسان وعائلته.
وهنا أتذكر معكم أن شركات الخمور والمخدرات تسعى لترويج بضائعها من خلال ابتكار أسماء جذابة لها، ففي الماضي كان هناك اسم للخمر وهو النبيذ اشتهر به، ولكن حديثاً ظهرت أسماء كثيرة للمسكرات... النبي الكريم تنبأ بهذا الأمر فقال: (ليشربت أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها) [صححه الألباني]... هذا الحديث هو معجزة للنبي، فكيف علم بهذا الأمر؟
وهنا أتذكر معكم أن شركات الخمور والمخدرات تسعى لترويج بضائعها من خلال ابتكار أسماء جذابة لها، ففي الماضي كان هناك اسم للخمر وهو النبيذ اشتهر به، ولكن حديثاً ظهرت أسماء كثيرة للمسكرات... النبي الكريم تنبأ بهذا الأمر فقال: (ليشربت أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها) [صححه الألباني]... هذا الحديث هو معجزة للنبي، فكيف علم بهذا الأمر؟
واليوم يعتقد بعض الخبراء أن تأثير
لعبة القمار يمكن أن يستمر 24 ساعة على الدماغ.. تماماً مثل تأثير المخدرات
والكحول... فدماغ المقامر مضطرب ومتآكل وهناك الكثير من المهام معطلة مثل
إفراز مادة الدوبامين وغيرها من المشاكل...
شكل (2) أحد علماء الأعصاب يدرس
الصور الملتقطة بواسطة جهاز المسح بالرنين المغنطيسي لعلاج ظاهرة الإدمان
بأنواعها ... وعلى مدى خمسين عاماً درس العلماء تأثير المخدرات والإدمان
على الخمور والإدمان على القمار وكذلك الإدمان على مشاهدة الأفلام
الإباحية.. ولاحظوا أن أثر هذه العادات السيئة على الدماغ متشابه. فجميعها
يدمر أجزاء من الدماغ جميعها يعطل مراكز القيادة والتحكم.. وجميعها يسبب
مشاكل نفسية على رأسها الاكتئاب.
القرآن لخص لنا هذه الاكتشافات
العلمية التي جاءت بعد معاناة طويلة ... وبعد تجارب ودراسات واختبارات
علمية، وبعد أن أصبحت الخمور والقمار والمخدرات مشكلة تعصف بالحضارة
الغربية وسوف تكون السبب الرئيسي وراء انهيارها في المستقبل...
ففي دولة مثل الولايات المتحدة
الأمريكية يوجد 18 مليون مدمن خمر، بالإضافة إلى 2 مليون مدمن قمار وأكثر
من 20 مليون يلعبون القمار بشكل اعتيادي... وفي هذه الدولة هناك يوجد أكثر
من مليون جريمة سنوياً بسبب الخمر والقمار والمخدرات (جرائم اغتصاب – عنف
منزلي – قتل ...) بسبب القمار والخمور والمخدرات...
يقول خبير القمار Christopher Welsh من ولاية ميريلاند أشهر ولاية لمارسة القمار :
Brain scans of gambling addicts look very much the same as brain scans of drug addicts.
إن صورة مسح الدماغ لمدمن القمار تبدو شبيهة جداً بمسح دماغ مدمن المخدرات!!
وهذا يعني أن المسكرات بأنواعها
والقمار بأنواعه وجهان لعملة واحدة وضررهما مدمر على الإنسان والمجتمع،
وهنا نسأل عن موقف الإسلام من هذه الأمور الخطيرة؟ هل سمح محمد صلى الله
عليه وسلم بالخمر والقمار؟ هل ترك الناس في ظلماتهم الجاهلية أم أخرجهم إلى
نور الهدى والإسلام؟ هل هو نبي كاذب كما يتهمه الملحدون والمشككون اليوم؟
وهل جاء بتعاليم تحرض على العنف والكراهية؟ هل تعاليم محمد صلى الله عليه
وسلم تؤدي إلى الإرهاب وكراهية الآخر؟ هل هذه التهم حقيقية أو باطلة؟
الرد العلمي والمنطقي نجده في آية
كريمة يحذر فيها الله تعالى من خطورة المسكرات والقمار ويعتبرهما شيء
واحد.. انظروا معي إلى هذا الكلام الراقي الذي يخاطب العقل والروح بأرقى
أسلوب، يقول تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) [المائدة: 91]، دعونا نتدبر هذه الآية:
1- الآية ربطت بين الخمر والميسر،
فالخمر يعني جميع المسكرات بأنواعها بما فيها المخدرات والمشروبات التي
تسمى روحية وهي شيطانية، والميسر يعني القمار بكل أنواعه بما فيها ألعاب
القمار العادية والمراهنات بأنواعها.. المراهنة على فوز مباراة كرة قدم
مثلاً.. فالخمر والميسر وجهان لعملة واحدة، وهذا الربط دقيق من الناحية
العلمية حيث ثبت أن الخمر والميسر لهما نفس التأثير على الدماغ ولو أن
الميسر أثره أبطأ ولكنه مدمر على مر الزمن.
2- الخمر والميسر يولدان لدى الشخص
العدوانية والبغضاء والعنف تجاه الآخرين.. وهذا ما كشفه العلماء بشكل يقيني
من خلال أكثر من مئة دراسة علمية منفصلة. وهذا ما أكده القرآن قبل أربعة
عشر قرناً من خلال قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ).
3- هذه الآية ترد على المشككين
ورواياتهم الواهية التي يلتقطونها من نفايات بعض الكتب ويتهمون أشرف الخلق
عليه الصلاة والسلام بالعنف!! إنه لأمر مضحك، كيف ينهى النبي الكريم عن
أسباب العنف التي تنتج بسبب الخمر، ثم يأتي من يقول إنه يأمر بالعنف؟؟!
ألا تشهد هذه الآية على أن حبيبنا محمداً صلى الله عليه وسلم هو أكثر الناس بعداً عن الكراهية والعنف والإرهاب؟ قال تعالى: (لَقَدْ
جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ
حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا
فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ
وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) [التوبة: 128-129].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دمتم بخير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق